المراجعة – Battlefield 6

أسلوب اللعب
قلب Battlefield 6 هو تراكُبٌ ذكي بين أدوار المشاة والمركبات والبيئة. كل شيء أداة: الجدار الذي تُسقطه لتحوّل خط النار، المدرّعة التي تقتحم نقطة سيطرة لتغيّر ميزان القوة، والمروحية التي تُعيد رسم خريطة التهديدات فوق الرؤوس. العودة الواثقة لأطوار Conquest / Breakthrough / Rush تمنحك الإطار الكلاسيكي، بينما يضيف المطوّر أطوارًا أسرع إيقاعًا لمن يرغب بجولات قصيرة مكثّفة.
فئات اللعب (Classes) وبناء العتاد:
بعد تجارب متعثّرة مع “الأخصائيين”، تعود هوية الفئات بصورة أكثر انضباطًا: Assault / Support / Engineer / Recon — كل فئة ترتبط بخيارات معدات ونقاط قوة واضحة دون أن تُقيِّد الإبداع. تخصيص الأسلحة صار أعمق وأكثر شفافية (أسطح تصويب، ماسورات، مخازن، ذخائر متخصصة)، مع وصف رقمي لتأثير كل قطعة على الارتداد، المدى الفعّال، وسرعة ADS.
الأسلحة وارتداد “يحترم الفيزياء”:
الارتداد هنا متدرّج وتعلّمي: سهل البدء، عميق الإتقان. بنادق الهجوم تمنحك ثقة متوسطة المدى، بينما يلمع الـDMR والـLMG في الدفاعات الطويلة والنيران الكابتة. المسدسات ليست حشوًا؛ بعضها ينقذك فعليًا في قتال المسافات القصيرة. الصوتيات تسند هذا كله بدقّة عالية (تمييز نوع السلاح والعيار واتجاهه من السمع وحده).
المركبات — ترسانة تُعيد تشكيل ساحة المعركة:
الدبابات تعود لتكون “صانعة المعركة”: أكثر بطئًا في التدوير، لكنها مميتة عند تمركز صحيح وتعاون مع المشاة. الـIFV تُقدِّم مرونة أعلى، والمروحيات تعود بديناميكية طيران أقل “أركيدية” وأكثر وزناً. منظومة مكافحة المركبات ثرية: قاذفات موجّهة/غير موجّهة، ألغام لاصقة، طائرات مسيّرة لرصد/تشتيت، ما يفرض لعبة “حجر-ورق-مقص” مستمرة بين الطيار والمهندس والقنّاص.
الخرائط وتدفّق القتال (Flow):
الخرائط الجديدة تقدّم مسارات متباينة (Flanking Lanes) مع مناطق اختناق مدروسة. التدرّج الطبوغرافي (ارتفاعات/منخفضات) يصنع قرارات فورية: هل تُغامر بقطع ساحة مكشوفة لتكسب وقتًا، أم تلتفّ عبر أزقّة أبطأ وأكثر أمانًا؟ تصميم نقاط السيطرة في Conquest يُقلّص “العدو غير المرئي” ويُكافئ فرقًا تعرف كيف تقطع خطوط الإمداد بدل الركض خلف القتل فقط.
التدمير البيئي — سلاحٌ رابع:
التدمير هنا وسيلة تكتيكية وليست استعراضًا فقط: إسقاط واجهة مبنى لفتح خط sight جديد، فتح ثغرة لمدفع رشّاش، أو تسوية ساتر رملي لإجبار الخصم على تغيير الغطاء. لا يصل إلى فانتازيا Bad Company 2 كاملة، لكنه محسوس ومؤثر بما يكفي ليُغيّر مجريات الجولة. (تؤكد مواد EA الرسمية تركيز اللعبة على “All-Out Warfare” مع تفاعل بيئي أوسع وأطوار كلاسيكية مطوّرة).
الرسوم
محرك Frostbite يثبت مرة أخرى أنه أحد أقوى المحركات في الصناعة. التفاصيل المذهلة في Battlefield 6 تجعل كل معركة تبدو وكأنها مشهد من فيلم ضخم الميزانية. من وهج الشمس فوق الرمال إلى الانعكاسات الواقعية على دروع الدبابات، مرورًا بالغبار المتصاعد بعد انفجار مبنى كامل — كل عنصر بصري يُنفّذ بدقّة لافتة.
الإضاءة الديناميكية والتدرّج اللوني يعيدان الحياة إلى كل لحظة. على الحواسيب القوية، اللعبة تدعم تتبع الأشعة (Ray Tracing) بفعالية دون التضحية بالأداء، بينما على الكونسولات الجيل الجديد تحافظ على معدل 60 إطارًا إلى غاية 120 إطار في الثانية مع تفاصيل مذهلة.
المؤثرات البصرية في الطقس والعواصف الرملية تضيف لمسة من التوتر والحركة الطبيعية.
الصوت
أما الصوت، فهو تحفة بحد ذاته. الأصوات المحيطية ثلاثية الأبعاد تمنحك إدراكًا لحركة العدو من مجرد خطوات أو صدى رصاصة. الانفجارات تمتلك وزنًا حقيقيًا، وصوت المدرعة وهي تتحرك في الوحل يُشعرك بالقوة الفيزيائية خلفها. الموسيقى التصويرية، رغم قلتها، تضيف دفعة عاطفية للمواجهات الكبرى.
القصة
الحملة الفردية تُعرِّف بفريق مشاة أميركي “Dagger 13” في صراع مع فصيل معادٍ، وتستعرض مسارح قتال متعددة وحِبالات سينمائية واضحة. المشكلة ليست في الميزانية ولا الإخراج التقني؛ بل في الكتابة: شخصيات غير مُقنِعة، تصاعد درامي متوقع، وغياب لحظات إنسانية تُخلِّف أثرًا. هذا الخلل يظهر جليًا عند مقارنة مستوى “الملحمة السمعية-البصرية” بسطحية القرارات والحوارات. انطباع معظم المراجعات المتخصصة أن طور القصة احتاج وقتًا أطول للصقل، وهو الرأي الذي نؤيّده بعد إنهائه على أقصى صعوبة.
على الورق، تبدو القصة مثيرة. تدور أحداثها في زمنٍ مستقبلي مضطرب، حيث تتنافس القوى العظمى على موارد الطاقة والتقنيات العسكرية الحديثة. اللاعب يتقمص شخصية جندي ضمن فرقة “Dagger 13″، التي تجد نفسها وسط نزاع عالمي يهدّد بانفجار حرب شاملة. الفكرة جذابة، لكن التنفيذ سرديًا لا يرقى إلى مستوى الطموح التقني الذي تحمله اللعبة.
الحبكة تسير بخط متوقّع دون مفاجآت حقيقية. الحوارات سطحية، والشخصيات تفتقر إلى العمق أو التفرّد. ستتعرف على رفاقك في القتال، لكنك لن تتذكر أسماءهم بعد انتهاء المهمة. الأسوأ أن المخرج السردي يعتمد كثيرًا على المشاهد السينمائية بدلاً من التفاعل الميداني — وكأنّك تشاهد ملخص فيلم حربي أكثر مما تعيشه.
نعم، هناك لحظات مذهلة بصريًا، وانفجارات تمزّق الأفق في عرضٍ مبهر، لكنها تفتقد إلى العاطفة أو الصراع الداخلي الذي يجعلك تشعر بأن لهذه الحرب معنى.
القصة في Battlefield 6 ليست فاشلة تمامًا، لكنها باهتة. مجرد جسرٍ للوصول إلى أطوار اللعب الجماعي، لا تجربة روائية تبقى في الذاكرة.
الأداء
PC: أداء مستقر على عتاد متوسط/عالٍ مع إعدادات “High/Ultra”، ومقياس دقة ديناميكي يُساعد تحت الضغط. التظليل الحجمي والإضاءة العالمية يمنحان عمقًا بصريًا ممتازًا في المدن ليلاً.
على حاسوبنا الشخصي الذي يحتوي على بطاقة شاشة 5070ti وصل الأداء على دقة 1440p وجودة الـUltra إلى غاية 250 إطار في الثانية ثابتةً دون ملاحظة أي تذبذب في الأداء.
PS5 / Xbox Series: استهداف 60fps في “جميع الأحوال تقريبًا” ضمن الأطوار الكبيرة، وإذا أردت التضخية ببعض الجودة يمكنك اختيار طور الأداء الذي يصل بك إلى 120 إطارًا في الثانية وهو أمر استثنائي في عصر ألعاب الفيديو الحديثة.
الإيجابيات
- تصميم خرائط يوازن بين المساحات المفتوحة والممرات الضيقة
- تدمير بيئي ملموس يؤثر تكتيكيًا على مجريات الجولة.
- توازن أفضل بين المشاة والمركبات؛ أدوات مكافحة المركبات مجدية دون قتل متعة قيادة الدبابات والطيران.
- دعم ما بعد الإطلاق يبدو واعدًا (خريطة طريق الموسم الأول).
السلبيات
- حملة قصصية ضعيفة كتابةً وشخصياتٍ وبناءً؛ لا تواكب جودة باقي المكوّنات.
- ازدحام الإطلاق وتوافد اللاعبين نتج عنه طوابير/انتظار في ساعات الذروة الأولى.
الخلاصة
بعد كل هذه الجوانب، يمكن القول إن Battlefield 6 هي الخطوة الصحيحة في الاتجاه الصحيح. إنها لعبة حرب شاملة بمعنى الكلمة، تعود فيها الفوضى لتصبح فنًا منظمًا، ويُصبح التعاون الجماعي هو أساس النصر.
التجربة التقنية متقنة، الأداء ثابت، والمحتوى ضخم، والأطوار متعددة تمنحك عشرات الساعات من اللعب المستمر دون ملل.
لكن تبقى القصة هي الجرح المفتوح: ضعيفة، سطحية، وتبدو كواجب مفروض أكثر من رغبة فنية.
رغم ذلك، فإن Battlefield 6 تُقدّم كل ما يمكن أن ينتظره محبّو الحروب الواقعية الحديثة: أصوات تصمّ الآذان، انفجارات تملأ الشاشة، ولحظات بطولية تعيشها مع فريقك، لا في القصة، بل على أرض المعركة.